- السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته ( واش راكي ؟ لاباس ؟ ) أقطعة من التّراب أكبر لنشترك في الوجود من ترابها و قطعة من السّماء أكبر لنشترك في وجود تحت سمائها فتشترك معها في كون ترابها مشتركا مع سمائها بما بينهما من النفوس , كيف حالك ؟
- و لم تردّ ... جالسة على قطعة من اشتراكنا الأرضيّ , تفترش بعضا منها بما اختارت من مكان علا من جبال الأوراس لتعلو منه كي تطّل بعينَيْ ذاتها على البعض الآخر من ذاتها الممتدّة في حبّة رمل و قطعة جبل و بعض بحر و بعض بشر ...صامتة لم ترد .
- أ أمضي ؟
- ( وهل إّلا مضيتم ؟ امضي إذن أجزءً منّي لست أقدر إنكاره ...امضي كما مضيتم عنّي طويلا فلست أجد الآن في المضيّ إليّ إلّا ما وجدته في المضيّ عنّي ...لست آبه ) .............ردّت و هي لم تلتفت , خلف خمارها الأبيض كانت تحدّثني و كأنّها في كلّ كلمة تقول للجبل الذي تمتطيه بيدها الخضراء تربّت على جسمه يدًا و تربّت على مسمعيه صمتا يتّخذ بين كلمات إجابتها في كلّ حين و حين مدخلا فتسكت ...تربِّتُ بالدّمع و صمتٍ ثم تواصل ... وراء خمارها لم تلتفت إليّ و كأنّها حتّى بجسمها تقول : امضي .
- ألست أستطيع مشاركتك بعض الجبل لبعض الزّمن ؟ .............. جلستُ بجانبها .
- ما اسمك ؟ ... ( سألتني )
- إيمان .
- إيمان ؟ ............... بماذا ممّا يعنيني ؟
- هل يجب أن يكون فيّ ما يعنيك ؟
- أوليس فيّ ما يعنيك ؟
- مجرّد اسم و حرف .
- تبسّمَتْ و حرّكت يدها تجرّ بعضا منها على بعض منها ,على الجبل , و كأنّها تنبّهه ( أتسمع ؟ ) ... ثمّ قالت : ( اشتقت للإيمان ) ...ثم خاطبته في صمت تحدّثه بيدها ( أما اشتقت أنت ؟ ) ...( اشتقت له فيهم , اشتقت لنبضه في قلوبهم , اشتقت لحديده في ترابي فيهم و لنوره في سمائي فيهم )
- إنّ اليوم الخامس من يوليو ( جويلية ) .
- حقّا ؟
- أ نِسْيانًا ؟
- لست أتعجّب من غيابه عنّي و هل يغيب الجزء عمّن احتواه و في احتوائي له كلّ مادّة وجوده فيكم؟ إنّما تعجّبي من ذكركم له .
- هل تظنّين نسينا ؟
- ( بل لا أشكّ شبه الشكّ في ذلك ) ...( أحنّ لذكرهم بما أجادوا الذّكر و أحنّ لحبّهم بما أجادوا الحبّ و أشتاق للإيمان ) ...( أما اشتقت أنت ؟ ) سألَتْ الجبل .
- أريد أن أحدّثك عن ( نحن ) .
- لا أريد أن أحدّثك إلّا عن ( هُمْ ) .
- أتعيشين الماضي مرّتين و مرّة بعقد عزم السّين على عيشه في ما يأتي أيضا ؟
- فماذا تعيشون أنتم ؟
- تركنا لك الماضي كالتّاريخ ... و لسنا إلّا نعيش الحاضر ثم تريننا نخاف المستقبل .
- لهذا يزورني الخامس في كلّ عام فيجدني أذكّره بخامسٍ قد مضى .......( ثمّ أزاحت يدها عن الجبل لترفعها إلى ما وراء خمارها و تمسح قطرة من الشوق سالت على صفحة من وراء الخمار ... اشتاقت ثانية فعرفت أنّه اشتاق كما اشتاقت فردّت يدها تمسح بعضا منها فيه ... تمسح على الأوراس , على الجبل ) .
- هل أنصرف ... إذن ؟
- إيمان , هل تشعرون بوجودي فيكم ؟
- هل تشعرين بوجودنا فيكِ ؟
- ( سألتني من جديد ) : حدثيني عن الحبّ ما يفعل اليوم ؟ ما يفعل الإيمان ؟
- إنّنا نتعلّم الإيمان .
- و الحبّ ؟- حينما نتقن الإيمان سيتقننا الحبّ .
- هل تشعرون بالحبّ ؟
- إلّا كما نشعر بالإيمان .
- إيمان ...أنا أصغي فلتتحدثي .
- باسم من أحدّثك ؟
- ( باسم النّجوم في سمائي ...باسم الحلم في روح الشّباب ... باسم أنتِ و كلّ إيمان على ترابي ...حدثيني عن النّجوم في سمائي )
- سقطت بعض النّجوم على التّراب .
- حدثيني عن تلك التي لا تزال في السّماء .
- اقتربي لأهمس في أذنك ...( أجبتها فتبسّمت )
- ضمّت يديها إلى صدرها و رفعت رأسها إلى سماء فيها بعضٌ منها كالنجوم و قالت : (هل يحلمون ؟ )
- ستكتمل أحلامهم بإذن الله حينما يكتمل الإيمان في سمائهم .
- لم ترد أن يشعر الجبل بالشّوق فردّتهما إليه سريعا ثم سألتني : ( ومتى يكون ؟ )
- حينما تسمعين شهيق الحبّ فتعلمين ولادته استدلّي على الإيمان به .
- أتعلمين قصّة المحبوبة على هذا الجبل ؟
- بالقدْر الذي سمعت عن المحبّين .
- بدأ الحبّ من هنا ... و لأنّ الحبّ لا يرضى أن يموت إلّا على صدر محبوبته , و لأنّ بعض التّراب تحت هذه السّماء يكره الحبّ كما تكره ذرّات ترابه ذرّات السّماء فقد وقف في وجهه بيننا كما يوضع بين الحبّ و الطّهر شيء من العذاب ...فاختار الحبّ الحربَ بسلام .
- أوَ بسلام ؟
- إنّه سلامُ الاختيار يا إيمان ...أن يختار صاحبُ الحقّ الوسيلة الأصحّ لإحقاق الحقّ , فصحّة اختياره و صحّة غايته و صحّة صبره وسيلة لإحقاق الحقّ , و هل صحّة ذلك كلّه إّلا منفاةٌ لأن يُختار غيره من خطأ و باطل ؟ فأنّى السّلام آنذاك ؟
- و هل انتصر الحبّ في الأخير أم انتصرت الحرب ؟
- الحبّ يجاهد و كلّ جهاده انتصار ...ينتصر حين يؤمن بالله تعالى ( أكبر ) , فيعمل بالحقّ يحرّك ذرّاته نحو كلّ صغير فينتصر عليه لأنّه استشعر الله الكبير فاستشعر القوّة التي تقف في صفّ الحقّ فعرف أنّ ما سواها لن يكبر و لو تعلّق بشبهه في التّراب فليس إلّا كبرا إلى التّراب يصير .........ينتصر حين يؤمن بأن هذا الوطن من ترابٍ اختار الاسلام فلا يقبل غيرَه يُدسّ في مقاطع من العقل فُرّغت بجهل قضت فرنسا كما يقضي أيّ استعمار على إيجاده في كلّ عقل حتّى يفرغ إلّا من الجهل فلا يمتلئ إلّا بالشّرك ...و لكنّ القلب يبقى منتظرا يحجز مكانا للحبّ ينزل فيه فتنزل الفطرة ...ينتصر الحبّ بالحبّ و لو رأيته حربًا فحربٌ على المفسدين حبّ يحضى به الوطن و الأمّة و كلّ البشريّة ... أوَ ليس حبّا أن نقتل الكره الذي يسبّب الجرح , يسبّب الدّمع , يسبّب الجهل , يسبّب الشّرك , يسبّب الكفر , يسبّب الخطأ , يسبّب الباطل , يسبّب قتل الحبّ ؟
- سينتصر بإذن الله الحب ّ .......................... الحبّ ... ( جعلتني أهمس للجبل و للسّماء و للسّحاب ) .
- ( قطعت السّكوت بسؤال كأنّها أخذت وحيه من الحبّ نبضا في ترابها و سمائها ) : حدثيني عن مصر عن صوت الأحرار ...حدثيني عن سوريّة فحضن أميري هناك ...حدثيني عن حبيبتي بفلسطين ...حدثيني عن الباسقة العراق ...حدثيني عن الشقيقتين تونس و ليبيا ...حدثيني عن التوأم المغرب...حدثيني أزال وجع الرفيقة الصّومال ؟
- أولست مثقلة بهمّ التراب ؟ و همّ السّحاب سوادا بهاذي السّماء ؟ فما يجعلك تزيدين همّك بهمّهم ؟
- إنّهم من ترابي و من ترابهم ترابي ... إنّها ذرّات روابطها الإسلام يا ذرّة منّي ...و إنّ من حقّ الرّابطة على الذّرة أن تستدعي بعضا من طاقتها لبعض من الذّرات الأخرى لتضمن البقاء ...وهل بقاؤها إلّا ببقائهم ... إنّهم الوطن الأكبر , إنّهم الانتماء الأكبر , إنّهم الحضن الأكبر , إنّهم الحبّ الأكبر .
- بإذن الله سيكونون بخير .................و لكنّك لم تجيبيني ...كيف حالك أنت ؟
- سأكون بقدر ما يكون الإيمان و الحبّ ( لاباس ) ...سأكون ( لا باس ) بإذن الله تعالى ...( أجابتني الجزائر ) .
( 5 جويلية 2013 )
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.أغبطك إذ حدثتك الجزائر و فينا من لا يستطيع حتى أن ينظر إليها ولو بطرف عينه.....مبدعة كما تعودت أن اتذوق كتاباتك
ردحذفو عليكم السّلام و رحمة الله تعالى وبركاته ...رقيّتي شكرا لك و جزاك الله خيرا .........أسعدني مرورك الذي عودتني عليه فتعودت ......... بارك الله فيك ...أرجو الخير للجزائر و لسائر بلدان الإسلام .
ردحذفجميلة .... حب الوطن من الإيمان ,,
ردحذفأحسنتِ إيمان ,, دام نبض قلمكـِ :)
سدرة المنتهى