- السّلام عليكم و رحمة الله وبركاته ...سأسرد عليكم واقعة حدثت معي العام الماضي لكن قبل ذلك - أخبروني : هل سبق لأحدكم أن سجّل في دورة لتعلّم الإسعافات الأوّليّة ؟
- لا زلت أتذكّر ذلك اليوم , كان قبل صلاة الجمعة , كنت مع إخوتي و والدتي في البيت ,جالسين قبل أن نسمع صوتًا غريبًا , هو تمامًا الصّوت الصادر من شخص بدأ يفقد القدرة على التنفّس لأنّه قد شرق بالماء fausse route , جرينا نحو المكان , بالأحرى كنّا نجري نحو أبي , هل تدر ما معنى أن ترى شخصًا يموت أمام عينيك و أنت لا تستطيع فعل شيء ؟ إلّا الدّعاء و بعضًا من الأسباب ... سببٌ يجعلني أشاركه معكم في هذه التّدوينة عسى أن تتّخذوه سببًا ... الدّعاء بصدق و بعض عمليّات الإسعاف الأوّلي ّ .
- جعلتُ أقف وراء ظهر أبي و أقوم بمناورة هملش ( إنّه اسمٌ فقط , المناورة تعريب اسم manoeuvre , إنّها ما تمثّله الصورة أعلاه ) ... ورفعتُ رأسي إلى السّماء أدعو الله تعالى .
- نطق شقيقي في لحظة تعب : واصلي ... بعدها أخبرني أنّ كلّ شيء على ما يرام ... هذان الكلمتان كانتا أروع ما سمعتُ في هذا الموقف ...
- هل تعلمون ؟ مناورة هملش هذه كنّا قد تعلّمناها في حالة الغصّ بشيء صلب لا سائل ... أتذّكر أنّي سألت المدرّب حينها عمّا نفعل إن تعلّق الأمر بالماء ... فأجابني أنّها كذلك ... لا أدري لحدّ كتابة هذه التّدوينة بالضّبط ما إذا كانت مناورة هملش هي الأنسب فعليّا أم لا في حالة الشرق بالماء .
- قبل عام من هذه الحادثة كنت قد سجّلتُ في دورة للإسعاف الأوّليّ ... تعلّمنا فيها كيف تقوم بعمليّة هملش , كيف تقوم بإسعاف أحدهم وقع في حادث مرور بسيّارته , كيف تخرج الضحيّة من مكان حريق أو تسمّم بالغاز , كيف تحاول إيقاف نزيف ... لا أكذب عليكم فقد نسيت بعضا من هذه الأمور لكن لا بأس .
- دعونا من هذا الآن , ولنتحدّث :
- ما هو الإسعاف الأوّلي ؟
- بعيدا عن التعريفات الدّقيقة ... هو ببساطة ألّا تبق مكتوف اليدين أمام من تراه يحتاج مساعدتك ... هو أن تتدخّل بطريقة صحيحة قبل وصول سيّارة الإسعاف أو الطّبيب ... هو أن يشعر الضّحيّة بأنّك تحاول إنقاذ حياته ...هو ألّا تتفرّج فيمرّ الوقت .
- من عليه أن يتعلّم الإسعافات الأوّليّة ؟
- كلّ شخص ... الجميع دون استثناء ... لا تسأل عن المستوى الدّراسي و لا عن السنّ و لا عن الجنس و لا عن المهنة و لا عن أيّ شيء آخر : السائق - الطّبيب - النّجار - الجزّار - المعلّم - البائع - الممّرض - الحلّاق - الجنديّ - التلميذ - الأب - الجدّة - الطّفل الصغير - الجار - الخيّاط - عامل النّظافة - الطبّاخ - أنا - أنت - هو - هي .
- لماذا علينا أن نتعلّم شيئا غريبا كهذا ؟
- و لِمَ لا ؟ شيء جديدٌ لا يستحقّ التفويت ... حقّا إنّه ليس غريبًا .
- كيف نفعل هذا ؟
- لا نقوم بشيء كبير , فقط , نبحث عن جمعيّة أو هيئة ما تقدّم دورة لتعليم الإسعافات الأوليّة - ثمّ - ندخل , نسلّم و نسألهم كيف حالهم و حال أولادهم , ثم نطلب منهم أن يسجّلوا أسماءنا و نتّفق على موعد معيّن لنعود فيه .
- هل الأمر مجانّي يا أخت ؟
- حسنا , صاديبون ... إذا كان الأمر يتعلّق بحملة تطوعيّة فسيكون الأمر مجّانيّا أمّا إن كان في إطار دورات تدريبيّة اعتياديّة فسيكون المقابل مقبولا , إذا أردتم الانخراط في دورة و لم تجدوا المال الكافي اتّصلوا بي لأعيركم ( لي يعوّل عليّ راهو يدير ألف دورة و دورة تدريبيّة وبلاك يبقالو الصّرف ) .
- ماذا سنتعلّم مثلا ؟
- مناورة هملش , متى ؟ و بعد ماذا ؟ و لماذا ؟ ماذا عن المرأة الحامل ؟ ماذا عن الطفل الصغير ؟ ماذا لو كنت أنت من اختنق ؟
- نزيف الأنف ( الرعاف ) .
- إذا كنت في مباراة و سقط صديقك ( و بلع لسانه مثلما نقول ) , ستتعلّم في الدورة ما عليك فعله .
- إذا كنتِ أمّا , و أصيب أحد أبنائك بحروق ... الوالد في العمل و المستشفى بعيد .
- إذا كنت في الشّاطئ و غرق أحدهم ...قد تفعل ما لا يفعله رجال الحماية المدنيّة .
- إذا كنت في العمل و أصابت آلة التقطيع رجل صديقك و جعلتها تنزف بغزارة , صديقك يفقد دماءه أمامك , ماذا تفعل ؟
- إذا كنت في الطريق و شهدت حادثا , كان السائق في سيارته فاقدا للوعي و سيّارته تحترق دون أن تسبّب له كسور أو إعاقات .
- شبّ حريق في بيت ما .
- سقط شخص أمامك مغمًى عليه .
- سقط شخص و عند اقترابك منه لاحظت أنّه لا يتنفّس و قلبه لا ينبض .
- علاش ماكاش les médecins يا هذه ؟
- قال لي أحدهم يوما مستهزئا عمّا إذا سيحلّ محلّ الأطباء , حسنا , فلنذكر فقط أنّ بعض المسائل تتعلّق كثيرا بالوقت , تستطيع القيام بما لا يستطيع الأطباء و رجال الحماية المدنيّة القيام به , لأنّك على الأقلّ ستكون حاضرا قبل وصولهم أصلا , و ستكون الأقرب إليه منهم ... المسعف ( أنتَ مثلاً ) هو أوّل حلقة في مجموعة إنقاذ الضحايا و هو من يقوم بالاتصال بسيّارة الإسعاف أو الحماية المدنيّة ( هنا في الجزائر رقمها 14 ) .......اسمي إيمان ماشي يا هذه .
- كاشما كاين قصّة واقعيّة محفّزة ؟
- سمع أحدُ المسعفين رجلا يأنّ ليلا , حين توجّه للمكان , وجد شابّا قد جرحه صديقه على مستوى فخذه و تركه , قام بالتصّرف الضرورّي و تمّ نقل الضحيّة للمستشفى , في الغد حين عاد لزيارته أخبروه أن الشّاب كان يسأل عنه كثيرا , حين رآه اهتزّ و أخذ يشكره فأخبره المسعف أنّ الله تعالى هو من وهبه فرصة جديدة في هذه الحياة ... تاب الشّاب و قرّر بداية حياة صحيحة ......اللّقاء التّالي بينهما كان في المسجد !
- ماذا تريدين منّا بالضّبط ؟
- رجاءَ ... عند أوّل فرصة تُتاح لكم إخوتي الأكارم , لا تفكّروا , لا تتردّدوا أبدا , سجّلوا فقط في أيّ دورة لتعليم الإسعافات الأوليّة , إنّها مجرّد بضع سويعات مقسّمة على أسبوع أو وفق برنامج يناسب ارتباطاتك ...رجاءً , القليل من الكوراج فقط D:
- آخر كلمة مثلا :)
- جميلٌ أن تكون مُسعفا :) لعلّ الله تعالى يسخّرك يومًا ما للحفاظ على حياة أحدهم ... يحفظكم الله .
- فضلًا , لو تجعل أحدًا غيرك , يقرأ هذه التّدوينة بمشاركتها معه ( أيوااااااااااااااااااااا بدات السماطة ؟ )