06‏/10‏/2013

لا تتذمّر


- السّلام عليكم و رحمة الله وبركاته ...أهلا بالقرّاء الطيّبين ...أظنّني هجرت القلم في ما مضى فعذرًا .
- أريد أن أتحدّث اليوم إن شاء الله عن طريقتنا في كوننا نتعامل من بعض المواقف في حياتنا فنعمل اتّجاهها كعمل المجاهر الضوئيّة أو حتّى الإلكترونيّة تعمل بقوّة التّكبيرفمن كان له صبرٌ على القراءة فأعدَّ إلى 3 لينطلق في القراءة و من لم يكن له ذلك فليعدّ هو حتّى 3 لأنطلق أنا في الكتابة و لينتظرنا في خاتمة المقال ليعلن صافرة النّهاية ...1 , 2 , 3 

- هل رأيت الطّفل الصّغير جالسا متربّعا على عرش بهجته وسط حاشية من الألعاب الكثيرة ...أرأيته يحمل كريّة صغيرة ملوّنة ؟ أرأيت أمّه إذا هرعت إليه تفتكّها من يده لئلّا يبلعها ؟ ببساطة ستحدث الكارثة الصّوتيّة الكبرى تبدأ بالانفجارات البكائيّة للطّفل :  ( واااااااااااااااااااا وااااااااااااااااا وااااااااااااااااااااا الخ من الواوات و الدّموع ) ...يا رجل لم البكاء ؟ إنّها تُصّنف ضمن الأشياء الخطيرة حين يلعب بها الصّغار ( و الكبار أيضا , لولا أنّ المادّة رقم 1 من دستور جمهوريّة الكبار عندنا  تنصّ على أنّ الكبار لا يلعبون ) على العموم ...هل رأيت كيف تتصرّف الأمّ أمامه ؟ ستحمل تواليا لعبه واحدةً واحدةً تعرضها عليه فتخبره أنّ له ألعابا كثيرة مختلفة غير هذه الكريّة الشّريرة إن حازت فمه ...و لكنّ الطّفل لم يعد يرى في الوجود إلّا شيئا واحدا :  ( كريّته الضّائعة ) ...و لم تعد له قضّية تستدعي اهتمامه إلّا قضيته المحوريّة في أمّة ألعابة و هي ( كريّته الضّائعة ) ...و كأنّه أصبح مهدّدا في أمن عرشه و أنّه لن يتذوّق طعم السّعادة بعد ( كريّته الضّائعة ) و أنّه سيكبر يوما ما و سيصبح من فئة ( لي ما عاشوش طفولتهم ) و أنّه عليه أن يبكي كثيرا كثيرا لأنّه حلّت على رأسه كارثة أفقدته أعزّ ممتلكاته ثمّ إنّه سيبكي كثيرا كثيرا من جديد لأنّه يعاني من اضطهاد جائر( الأمّ )  يحاول سلب عرق جبينه  و ...........الخ من دواعٍ و أسبابٍ مبرّرة للبكاء : ( يا ماما قتلك واااااااااااااااااااااااا سي وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ) .
- حسنًا , هذا ما يحدث معنا أحيانا حين نقيم حياتنا على شيء نعتبره مركزها , و أهمّ شيء في هذه الدّنيا , أو كأنّنا نتخيّل أن كلّ هذه المجرّة تعرفنا و إذا ما حدث شيء لا يعجبنا فإن كلّ كواكبها و الأرضَ سوف لن يعجبها و أنّ كل البشر و المخلوقات الفضائيّة ستعلن يوما فضائيّا مشتركا تضامنا مع أحدنا و أن الجميع سيتوقف عن العمل و يقاطع الضّحك و يمتنع عن الأكل بسببنا و ننسى أنّنا مجرّد أناس بسطاء جدّا نعيش في بيت صغير في مكان ما تابع لولاية ما ضمن مجموع كبير من الولايات الأخرى لدولة لا تمثّل إلّا جزء صغيرا من قارّة ضخمة تحتوي الكثير من الأناس قد يعيشون أزمات لو علمناها إذن لـــ ( فرمينا فامنا ) و مثيل هذه القارة قارات مملوءات بأناس كثيرين ضمن كرة أرضيّة في مجموعة شمسيّة في مجرّة كبيرة في كون فسيح متّسع ( هاااي , على الأقلّ هل تستطيع رؤية الأرض أصلا من هنا ؟ إنّها رحلة ممتعة حرم نفسه من لم يرافقنا و آثر الانتظار في الخاتمة ...أعرف أنّ لديه أسبابه المقنعة التي ليس أقواها إلّا أنّ المقال طويل فعذرًا )

- الأمثلة :  ( هذا ما يخصّ ! )
1- الطّالب مثلا حينما يحصل على معدّل أقلّ من معدّل زميله يغضب و يشعر بتدني مستواه رغم أنّ معدّله جيّد و لا بأس به و أنّه في المرة الماضية كان صاحب أكبر معدّل و أنّ لديه فرصة للاستراده و ينسى فيما ينسى أنّ من زملائه من حصل على معدّل أقلّ بكثير ...و أنّ منهم من لم يستطع إجراء الامتحان أصلا بسبب مرضه ...و أنّ من البشر في مثل سنّه في زاوية أخرى من كوكبنا من هدمت الحرب مدرسته و قطعت سبيل الأمن الذي سلكوه إليها يوما ما .

2- ربّ الأسرة حين يعود إلى البيت فيطلب منه أحد أفراد الأسرة شراء غرض ما تجده يصرخ :  ( ما عنديش ...ديجا لاباي تاعي واش تكفي ؟ ما توصلنيش مام با لنص الشهر ...ياخي دولة ياخي ...يلزمنا نديرو إضراب ...يلزمهم يزيدولنا ) و ينسى أنّ هناك عمّالا لا تتعدّى أجرتهم 10000دج بل و هناك من لا دخلَ شهري له أصلا ...و ينسى أنّ هناك من دخله أكبر من دخله بأضعاف مضاعفة غير أنّه ينفقه في إجراء العمليّات و شراء الأدوية  ( فإن كنت مقارنا دخلك بدخله فأضف إلى دخلك مبلغا بقدر صحتك و صحّة أولادك و مبلغا بقدر نومك و نومهم على أسرة بالبيت لا على أسرّة بالمستشفى ) ...و من الناس من امتلأت خزائنه من المال وقد فرغ قلبه من الرّاحة النفسيّة و فرغ أبناؤه فهم من ملء خزانته يملؤون فراغهم يستعملونه في المحرّمات و المهلكات .......و يوجد من كانت له من الأراضي و الممتلكات ما حجمه الكثير غير أنّه تركها هربًا أملًا في أمن يجده في أرض دولة أخرى ليست كالأرض التي كانت له فيها أراضٍ يمتلكها فهو يعيش في مخيّمات اللجوء .

3- و الزّوج الذي تسمعه زوجته مالا يرضيه يوما تجده يغضب أياما فيلعنها حين يصبح ... و حين يمسي إلّا أن يلعنها ...فيغض طرفه عن حسناتها و خير فعالها و ينسى أنها قد تمرّ بحالة نفسيّة متوترة أو أنّ الضغوط الأسريّة و المسؤوليات التي على عاتقها تجاهه و أولاده قد أثقلت كاهلها عن حمل شيء سواها ( و لو بسمة ) و ينسى أن هذه المرأة المسلمة التي جمعه الله تعالى بها بميثاق غليظ قد قدمت له الكثير و أفنت زهرة شبابها في بستانه تزينه بعطر تربية أولاده و خدمته ....و الزّوجة التي إذا أخطأ زوجها في حقّها مرّة  ظنّت أنّها أشقى مرأة في العالم و نسيت أنّ زوجها ما كان ليقول أو يفعل ما قال أو فعل لولا وصوله مرحلة الإرهاق من عمله الذي يقضي فيه كثيرا من وقته لأجل أن يحصل على الزّلال الطّاهر الذي يسقي به زهرة بستانه فيطيب عطر أولاده .

4- و الأمّ حين يمرض ابنها في أيّ ضيق و همّ تجدها ؟ و حين تحضن ابنها الباكي ألما و تنسى أنّ هناك في بقعة من بقاع الأرض أمّ كمثل التي في فلسطين أو بورما ممّن يحضنّ أولادهنّ باكيات على أحضانهنّ شبه الابن في جسده غيّرت ملامح جملته أحقاد طاغية و سموم مصالح شخصيّة  بعثرت أشلاءه على صدرها و أسالت دمعها على سيل دمه ...فما أخفّ الحضن الأوّل أيتها الأم المريض ابنها لو قارنته بالحضن الثّاني لأمّ ميْت ابنها ...و ما أهون صرخات ألم طفلك لو قارنتها بصرخة الجسد حين اختراق الرّصاص و اختراق الفراق مع الرّصاص للجسد الصّغير يفتكّان منه الرّوح ...و ما أهون دمعة طفلك أيتّها الأمّ أمام دمعة أمّ ذاك الطّفل .

5- و الوالد حينما يحمل كيس الدّواء بكف يأبى إلّا أن يحمل بالكفّ الأخرى أكياس الهموم و الأحزان و الضيق و الخوف فكأنّما يأبى إلّا إن يتوازن و لكن بحمل الوجع و ينسى أنّه إن كان في أسرته من يعاني من التهاب اللوزتين فيوجد في أسر غيره من يعاني من التهاب السّحايا و إن كان فيها من يعاني من ألم في البطن ففي الأخرى من يعاني من ألم في القلب ...و قد ينزعج الوالدان من الأقارب و الأهل و الجيران كيف لا يسألون عن حالهم و لا يطمئنّون عليهم و ينسون أنّه قد يكون فيهم من لم يجد وقتا ليزور فيه أهله لأنّه يعتني بابنه الراقد بالمستشفى إجباريا و هم لا يعلمون .

6- و الواحد منّا حين يشعر بالتّعب أو يصاب بالزّكام يظنّ أنّ الكرة الأرضيّة عليها أن تعطس كلّما عطس هو أو أن تسعل كلّما فعل و أن تحمل منديلا كما يحمل هو و كلّما سلّم عليه أحدٌ ردّ ( و عليكم السلام ...آتشون ...هانا عايشين ....أنا ...آتشون مريض ...آتشون ...الزكام يقتلني ...أظن أنّني ...آتشون فقدت قوّتي ...أتعبني الزّكام آىتشون ...لم أنم البارحة ...أنا آتشون خائف من تطور المرض ...أظنّه سيصبح ربوا أو التهاب الرئّة أو أن هذا الفيروس سينتقل ليسبح في دمي ...آتشون ) و ينسى أنّ هناك من يحمل الخلايا السّرطانيّة في جسده  لكنّك تراه يردّ السّلام بكلّ هدوء بل و يزيد ( الحمد لله ) و ينسى أنّه إن كان لم ينم البارحة إلّا قليلا على سريره في بيته  فإنّ من النّاس غيره من نام طويلا في غيبوبة على سرير أبيض في غرفة الانعاش - وطبعا ليس في بيته و لا وسط أهله - و يوجد و يوجد .

- ختاما :  
- أهلا بالأشخاص الذي تأخرنا عليهم و انتظرونا هنا ...كيف الحال ؟
- اسعَ للأفضل دوما , إسأل الله من فضله فبيده الخير كلّه سبحانه و تعالى ينفق كيف يشاء , و لكن تذّكر شيئا واحدا فقط ألّا تنس الذي بين يديك الآن من النّعم أن تحمد الله تعالى عليها .
- كن عزيزا و لا تسأل أحدا غير الله تعالى ...لا تشتكي لغير الله .
- لا داعي لأن تنقل لأحد عدوى ( التكشار ) و حاول بقدر المستطاع أن تتجاهل ما يسوؤك أو يحزنك بذكر سعة رحمة الله و فضله و قدرته و أنّه قادر على إجابة دعوتك فاهرع .
- حاول أن ترسم بسمة في حياتك على وجه ما .
- كلّ العمر أيّام ستمضي ...و يمضي خلف ذي الأيّام عمرُ .
- لا تتذمّر و كزهرة الصّبّار كنْ ................................تحيّة للجميع و تحيّة للصّبر .






هناك 12 تعليقًا:

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.سلمت اناملك اخيتي...............القناعة و الرضى بما قسمه الله مفتاح السلام النفسي للانسان

    ردحذف
  2. و عليكم السّلام ورحمة الله وبركاته ...سلمك الله غاليتي ....................و هو كذلك , فلنحمد الله تعالى .
    - شكرا على المرور , كان رائعا كالعادة ...فما أجمل أن تكون عاداتك رائعة أستاذتي !

    ردحذف
  3. السلام عليكم غاليتي واخيرا وصلت الى هنا تعبتيني ..........................المهم الموضوع رائع تقدري تقولي جا في وقتو جنان.

    ردحذف
    الردود
    1. و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته عزيزتي ...اشربي كأس ماء أو امزجيه ببعض السكر :)
      - بما أنني حصلت على الرخصة في القول من حضرتك سيدتي فأنا أقول : ( جا في وقتو )
      - شكرااااااااا جزيلا على أن وجدتك هنا .

      حذف
    2. شكرا سيدتي الحكيمة جنان

      حذف
  4. SALAMO MERCI MA SOEUR

    TREE BELLE

    ATTENDER QUELLQUE MOIS IN CHAA ALLAH ET J ARIVE AVEC BOUQUAUP D ESPOIR ET DES MOTS IN CHAA

    ALLAH..............................................PIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIP

    CHAMCHONE

    ردحذف
    الردود
    1. Wa alikum es-salem wa rahmatu ALLAH wa barakatuh
      merçi bien ma chérie
      ............piiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiip chamchooooooooooooone !

      حذف
  5. قالك:ايها الشاكي ومابك داء،،،،،، كيف تغدوا إذا غدوت عليلا

    والحديث قياس

    ردحذف
  6. - و ختم من قال : أيّهذا الشّاكي وما بك داء ...كن جميلا تر الوجود جميلا ... فأعطى من الأساليب أسلوبا .

    ردحذف
  7. لا تجزعنَّ إذا نابتكَ نائبة ٌ ولا تضيقنَّ في خَطبٍ إذا نابا
    ما يُغلق الُله باباً دونَ قارعة ٍ إلاَّ ويفتحُ بالتَّيسير أبْوابا

    شكرا على الموضوع.... وشكر خاص على بداية الموضوع أقصد قصة الصبي والكرية.

    ردحذف