30‏/08‏/2013

لا تخبروا والدتي : )

- السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

- يوجد أشياء في هذه الحياة , كأنّما وُجدت , لئلّا تُفهم إلّا إذا صودفت و ألّا تُعرف إلّا إذا عرِفت , هي كالمتمرّدة على قواميس اللّغة , الثّائرة على نواميس الفلسفة , السّاكنة فقط في قطعة من القلب ميزتها تجعله يفهم معناها و فور الفهم يسكن و يصمت فمن أعراض فهمه لها أنّه يفهم أنّها لا يتحدّث عنها أحدٌ لأحدٍ  و لا يستطيع وصفها أحدٌ لأحدٍ فكأنّما آخر فهمه لها أن يؤمن بعجزه عن الشّرح ...لتبقى هي محفوظة الذّاتية لا تُفهم إلّا أن يحياها القلب أو يرى القلوب التي تسكنها تحيا أمامه فيجعلَ يُشبه الفهمَ كأن يرى منها البعضَ في تصرفات من يراهم تتصرّف في قلوبهم ...و لقد أظنّني رأيت بعض القلوب التي آوت إليها بعض هذه الأشياء و إنّي لأظنّه ما يسمّى ( الحبّ ) ................عمّا رأيت أحدّثكم ...عن الحبّ أحدّثكم .
- كان يومها أقربنا إليها ...كان بجانب كلّ سرير تمتطيه للعلاج ...كان قريبا منها في مكتب الطّبيب و كان أقرب إليها في قاعة العلاج , كان و كأن قلبَه يحدّث قلبها بكلّ أريحية ( أنا أحبّك ) , يعلم ألن يفهمه أحد فهو يحدّثها بلغة ليست للفهم بالألسن و الأحرف فكانت و كأنّ قلبَها يجيبه باطمئنان و بَسْم ليس للرّؤية بالأعين و تجاعيد الوجه إنّما كلاهما بلغة الحبّ .
- إلتقيت به بعدها فتجرّأت أن أسأله : عمّاه كيف حال ابنتك ؟ و قد كنت أراها شابّة صغيرة . 
- نظر إليّ مستنكرًا : ابنتي ؟ 
- تحاملت على شكّي الذي استقوى بشكّه , تردّدت ثم تجاهلت تجاهله و ظننت أنّ عليّ تذكيره : تلك التي التقينا بها هنا ذات ظهيرة .
- قال متجاهلا غبائي : ليست ابنتي , تلك زوجتي  .
- فرحتُ حين علمت أنّها منه كذلك , فرحتْ صديقتي حينها أيضا بذلك , لم تكن فرحةً عبثيّة فحينها كنّا قد رأينا أنّ تلك المرأة قد خُفّف عنها , لقد وُهبت حبّا يضيف لها من قلبه خليّة كلّما أضاف السّرطان من ثدييها خليّة إليه حتّى إذا ما انتزعهما منها نزعت إلى الحبّ ليهبها منه الكلّ فلا تشعر إلّا بأنّها ربحت , لا أدري حينها أكان قلبه يتمتم لها ببعضٍ ممّا يفهم قلبُها فيجعلها تُتمتم للألم ببسم هادئ , أم أنّ الحبّ كان يخبرها بتقاسم الألم و أنّها لن تشعر إلّا بنصفه فيها و أنّ نصفَه الآخر سيكون فيها بموضع آخر غير جسدها ليحمل عنها فتطمئنّ ...................إنّها زوجة و زوج و حبّ . 
- إنّه الحبّ , عن الحبّ حدّثوثي ,  حدّثوني عن الحبّ بعد الأربعين ...أو عن الحبّ في أحضان السّرطان ... حدّثوني عن الحبّ على وقع خبر العقم , حدّثوني عن الحبّ بعد صافرة الزهايمر ينهي حديث ذاكرة المحبّين يطرد ذكريات الحبّ من تلافيفه و من خلاياه يقلّصها فتصغر عن حمل حجم كحجم الحبّ الكبير فتراه كأنّ القلب يناديه : أن تعالَ , لا حاجة لنا بالحفظ فقد حفظناك ستّين عامًا كفت بأن تجعل كل القلب مأوى ذاكرتك فينا , بحجم الحبّ و حجم الوفاء و حجم الذّكريات فيك ,عشْ هنا , فِرّ إلى القلب بقدر فرار الزهايمر إلى الرأس , ستقوى أيّها الحبّ كلّما قوي ألم الشيخوخة فينا و كلّما قوي النّسيان ...لا  تخف أيّها الحبّ فأنت لا تحتاج لذاكرة برأس قد يمرض فينسى , إنّ مأواك قلب لا يمسّه الزّهايمر ....حدّثوني عن الحبّ تزيد قوّة استقباله في القلب كلّما طُرد من العقل بعد استحواذ المرض عليه ...ليستمّر الحبّ إلى ما بعد الستّين فتستمّر الستون في الشّباب وردة حمراء وحبّا و دعوة ( ربّنا هبْ لنا من أزواجنا قرّة أعين )  .
- حدّثوني عن الحبّ يدفع الحبّ يجلس على  كرسيّ متحرّك و كأنّه يختبر طاقة الحبّ في الدّفع إلى الأمام في طاقة الستّين في الحبّ  لاتدفع إلّا إلى الأمام  .
- جميلٌ الحبّ الفطريّ , نعم , لكنّي لست عن الحبّ الفطريّ أتحدّث .
- لست أتحدّث عن حبّ الفراشة للزّهور و لا عن حبّ السّماء للطّيور و لا عن النّحل للحقول ...لا أتحدّث عن حبّ الحبّ لبعض سنين العمر كالشّباب ..لا و لكنّي عن تصديقها بعد بعضٍ من العمر و بعضٍ من الحياة و بعضٍ من الاشتراك في الكثير و تقاسم الثقيل و حفظ ذكرى العمر الذي حمل بين أحضان ساعاته حبّا فطريّا بطهر .........أتحدّث عن الفراشة تحوم بعد الرّبيع حول بقايا الزّهر أثرا , تحوم كالشّوق كالذّكر كبعض العذاب حنينا إلى ما مضى كطبع الوفاء .
- ختامًا :
1- الحبّ أن تحيا بقلبين أحدهما في جوفك و الآخر في الجوف الآخر ... الحبّ - أبدًا -  ليس كماليا .  
2- تحيّة لكّل من شارك زوجته مرض السّرطان فعالجت عنده بكيمياء الحبّ فكان عندها بكيميائه كالتفاعل اللاّرجعيّ ينتج طمأنينةَ في قلبها لا تحول ... و تحيّةً لكلّ مرأةً شاركت زوجها الألم و أهدته أملا يجيد الحبّ و مرّت معه رفيقة التّجربة تقاسمه ألمه فيتشاركان فيها اللّحظات ...تحيّة لكلّ حبّ لا يمرض أبدًا أبدَا .
3- رسالةٌ إلى شبابٍ كريم بلغ سنّ الزواج و آمن بالحبّ الأسطوريّ ينتظر أن يفهمه أولّا ليعيشه ثانيا , أقول : توكّل على خالق الحبّ و اختر كسبب من تراها ترضي الله تعالى و ثق بأنّ كلّ ما ذكرتُ في هذه الكلمات و كلّ ما يجول في خاطرك الآن لن يتعدّى ( وجعل بينكم مودّة و رحمة )  , ثقْ ثقةً بحجم قوّة الإيمان بأنّ الحبّ بين جدران البيوت الطّاهرة لن يرضى بمستوى أقلّ من  المودّة  يرتقي إليها يوما إلى يوم حبّا إلى حبّ يزداد إلى يومٍ يكتمل فيه رضًا يوم يلقا الحبيبُ الحبيبَ رفيقا في الجنان ( إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغل فاكهون - هم و أزواجهم  في ظلال على الأرائك مُتّكئون -  لهم فيها فاكهة و لهم ما يدّعون -  سلامٌ قولًا من ربٍّ رحيم )  , حينها يفوز الحبّ و حينها تبسَم الموّدة بالنّجاة و الخلود مع من تحبّ .

- إعتذار : عذرًا أيّتها القلوب المُحبّة أن تجرّأت على الحديث عمّا يخصّك فلم أتحدّث إلّا بما لم يوفِ حقّ ما يخصّك فيه ...عذرًا أيّتها القلوب التي جلتُ في شرايينها هنيهة ظننتني حظيت منها بالفهم لطبيعة الشّرايين فيها و طبيعة المادّة التي تغذّيها فيه فسمحت لنفسي بالحديث عنها لأَصِل في الأخير لحقيقة بهمس قلوبكم إليّ : أنّكِ ما فهمتِ شيئًا و ما نقلتِ شيئًا و ما وصفتِ إلّا كوصف شبه الحبّ للحبّ فهو عندنا منك كعندك منه , فلا تتجرّئي أو إن شئت فتجرّئي ... فجرأة الجاهلين علينا بقدر أنّها تقع في الوصف موقع الظّلم للحبّ فهي لا تزيد في القلب إلّا فهمًا بأنّا فهمنا الحبّ فمن بعض فهمه أن نراكِ و غيرَك لا تفهمون .........عذرًا أيّتها الأزواج الطّاهرة بقدر العجز عن فهم حبّكم و قدرِ عجزكم عن الشرح...عذرًا بقدر طهر الحبّ على أرض قلوبكم .
- عذرًا أيّها الحبّ الذي رأيت بعضًا من ظلاله في قلوب أولئك , فوصفته و سميّته ( حبًّا ) و حدّثت عنه و نسيت أن أذكر أنّ وصفي له لا يقع إلّا كوصف الشّبه ,  ظلّا رأيته , فدعك أيا قطعة كأنّ كلّها من السّماء نزلت فما رأت في الأرض موضعا أخفّ عليها في ألم التّراب من القلوب فجعلت تتخيّر أخفّ القلوب عليها لتقع على مواضع الطّهر فيها مودّة فتسكن القطعة السّماوية فيه فتسكن إليه فيسكن إلى قلب آخر سكنت بجزء منه ليشتركا في كونهما نزل الحبّ ذاته  بأرض طهرهما فاشتركا في الاختيار فاشتركا في الحبّ فاشتركا في المودّة فسكن بعضُهما لبعض ...دعك منْ هنا - كلماتٍ - و ابق كما ذاتك لا يحدّث عنك إلّا الكلمة تنطقها بذاتك في القلب المحبّ ...فشتّان بين أصوات الواصفين و صوتك .






هناك 8 تعليقات:

  1. و من الحب لم أدر ما أقول عن مقالتك...........أحبك في الله

    ردحذف
    الردود
    1. - و لم أدرِ أنا ما أردّ ...أحبّك الله الذي أحببتني فيه ...و هل إلّا أفعل كذلك ؟
      - شكرا رقيتي ...شكرًا .

      حذف
    2. _ أهديك بعضا ممّا تملكين لديّ لأحتفظ بالباقي :)

      حذف
    3. كل ما يأتي من جهتك رائع .........

      حذف
  2. انت دااااااااااااااائما راائعة يا عزيزتي

    وكيف لي ان اتجاهل هذا الإبداع و بوح القلم النابع من اعماق القلب بكل حب و احترام

    احبكي يا رفيقة طفولتي و سأستمر في ذلك ....

    ردحذف
    الردود
    1. - أهلااااااا , خطوة عزيزة كصاحبتي العزيزة ...سررت بوجودك هنا :)
      - أحبّك أيضا و سوف لن تستمري في الحبّ إلّا ما دمت أنت هي أنت أيّتها الرّائعة و مادمت أنت فأنا مسنمرّة أيضا في معزّتك .
      _ كما أخبرتك سابقا , أنتِ لا ترين هذا رائعا إلّا لأنّك رائعة ( كن رائعا ترى المدونات رائعة :) )

      حذف
  3. الردود
    1. - و ما أجمله ;
      صادقا و :
      وفيا و :
      أبديا !

      حذف