- نوضع في بعض المواقف , أحيانا , أمام مسائلَ أين يُطرح خياران ... و لأنّه يجب عليك اعتقاد اقتناع حول القضيّة و اتخاذ موقف منها , و لأنّه وجب أن يكون مع الحقّ ...فإنّنا ( نختار) من الرأيين الحقّ ... ولكنّنا في مواقف أخرى نوضع أمام قضيّة بخيارين متناقضين لحدّ التناحر ورؤية الدّم , متماثلين لحدّ التشابه في كون كلّ منهما ليس على الحقّ ...خيار ظالم و نقيض خاطئ ... خيار و خيار يتناقضان إلّا في كونهما متفقان على التناقض مع الحقّ ...فحينها ( نحتار) أيُ الرّأيين الحقّ ؟ وبين نختار و نحتار من الفرق ما لا تنصفه النقطة و بينهما من الفرق مابين الغاية و نواقض تحقّقها .
- في هذه الــ( أحيانا ) يكون الانعزال فرصة للتركيز و التفكير في القضيّة ...بعيدا عمّا يقوله فلان و يراه فلان و يقتنع به فلان وإن كان يبدو صاحب مكانة في مجاله وأعلى صوت قد ينطق في القضيّة حينها ...بعيدا عن الانحصار في خيارات يقدمونها ,غير أنّ الانعزال ليس بالأمر الهيّن إلّا إذا توفرت شروط تجعله يُتنج كقوّة الدافع ( البحث عن الحقّ ) و صدق الغاية ( العثور على الحقّ و إظهاره للنّاس إن أمكن أو على الأقلّ الاطمئنان به ) , فلا يجب أن يكون الانعزال أبديا لسبب هو غايته و هي ذاته و لا أن يكون فرديّا محضا إلا انفراد بشريا يستمدّ أنسه من معيّة الله حينها يكون تفكرّا يسير مستهديا بنور الله يُفضي إلى الخروج من مضايق النفس التي تخنقها التناقضات و الأكاذيب و الخرافات إلى الطريق الذي هُدي إليه رسول الله و سار عليه رسول الله ( صلّى الله وسلّم على رُسل الله جميعًا ) , طريق سماؤها ما يريد الله .
- و لِمَ الانعزال ؟
- قد يكون مفهوم الانعزال لدينا مبالغا فيه لدرجة فهمه حرفيّا فهم القواميس , لكن , ما أقصد هنا من ( انعزال فكريّ) لن يتعدّى كونه إبعادا لظغوط ترفرف بجناحي ( إفعل و لا تفعل ) - ( كن و لا تكن ) - ( كهذا و ليس كهذا ) أو بالأحرى محاولة للابتعاد عنها شخصيا لخلق جوّ حرّ للتفكير من أجل الوصول لحقيقة يطمئنّ لها القلب .
- عن أيّ ضغوط أتحدّث ؟
- لا أظنّني إلّا أشاركك الكرة الأرضيّة و لا أظنّني إلّا أشاركك بعض الانتماء و بعض هموم الانتماء , فعن تلك الضغوط التي تشعر بها أتحدّث ...عن أزمة سياسيّة يعيشها إخوة لنا جعلتنا نقف أمامهم نراهم يُسحبون يمينا باسم الحقّ فنهمّ للجذب لهم يمينا قبل أن يعلو صوت من اليسار ينادي و لا ينادي إلّا باسم الحقّ - و في فنّ النّداء النّداء - فنهمّ للجذب لهم يسارًا فينادي منادي اليمين كنداء للحقّ فكأنّما ( كرجال على الأعراف ) صرنا ...و صرنا نشتّت بعضا من الرّوح في هاهناك و بعضا من الروح في هاهنا , و صرنا كأنّا أبين الحقيقة أم يا تراها هي من أبتنا ...كمن يتخبّط بين الطريقين , بين المتوازين , بين المنتاقضين - لكن - كلّ منهما يدّعي الحقّ ...عن شيخ اليمين يضرب بالفتوى يسارا ليردّها شيخُ اليسار يمينا فتقفز بين المتوازيين و كأنّها لعبة فتوى الطّاولة ( كرة الطّاولة ) , ثمّ , كأنّها تطير إلى السّماء : ليس هنا مكاني و لا هناك مكاني أو كأنّما تريد أن تشكو إلى الحقّ من بدعة الحقّ على الأرض من الأرض ........عن شعارات أتحدّث كُتبت بالدّماء و غناها الإيمان بأفكارها إراقةً لهاته الدّماء التي آمنت فكتبت فكأنْ كان حقّ الإيمان عليها أن تسيل ...عن ظغوطِ ( أنا الحقّ ) تسمعها من كلّ ( أنا ) و تسمعها حتّى من ( أنت ) و ضمير الأنت للأنا في هاهنا كضمير الباطل لضمير الحقّ فكأنّما اشتراك الأنا و الأنت في الادّعاء من اشتراكٍ في هذا الحقّ و الباطل أو كأنّه بالأحرى لا حقَّ هنا , فمن طبيعة الحقّ أنّه لا يُطابِق باطلا و لا يطابقه باطل و لو عَجَلًا فأنّى يشتركان و أنّى يوجد ؟
- و تبدأ المصادر الجديدة بالوفود , لتبدو كما لو أنّ الضغوط القديمة أبت إلّا أن تُحْكِم فقالت لهده الجديدة : قفي ورائي فإن لم يكن للدّعم فللتغطيّة ففعلك في الحالتين بين حماية للضغط و ضغطٍ , ظغطٌ مثلي ...فتُصنع حجج لفائدة الاستحقاق لِتُحيله حقّا بإذن الباطل و قد يحدث ويأتي عليه بأربعة شهداء ممن يشتركون في الشهادة لأيّما استحقاق ليكون حقّا إلّا أن يشهدوا للحقّ أن يكون ذا استحقاق ... و الخامسة أنّ لعنة الباطل عليك إن لم تكن مع الأربعة في صفّ الاستحقاق ...و يُفتي المُفتي بالجلد ( قتلا أو طعنا أو ألما أو حزنا أو شتاتا ) .
- و تبدأ النداءات اقتباسا بـ ( يا أيّها النّاس ) فكأنّما لا يُراد لها أن تقع إلّا بـــ ( يا أيّها ) كما تقع ( أيّها الأنا ) في نفس كلّ من يشتركون في التّراب أمّا ( النّاس ) فهي - هنا - للبلاغة اللفظية أو للتحسين البديعيّ كالزّائدة بدلًا أو نعتًا و بذلك تندرج واجباتها كاندراجها في مجموع المحسّنات - فأن تكون إنسانا وعاقلا و فطنا و معملا للعقل و عارفا بالأولويات في ظلّ أمر من به آمنتَ أيّها الانسان فتسعى لواجب الانسانيّة عليك لكونك في مضمونها - فهذا من باب التحسين فقط هنا لينطلق النّداء هنا في التّراب يريد إلّا أن يكون أو يكون كما انطلق نداء إبليس يومًا لآدم و حوّاء يدعوهما ليكونا ملكين أو يكونا خالديْن و ما النّداء هناك إلّا بنيّة أن يكونا خاسريْن ... و هل يدعو لغيرالخسارة من كان عدوّا ؟
- عن ضغط أن نكون تحت ( استراتيجية الكذبة الكبرى ) بقلوب تُعمل الحسّ العاطفيّ أكثر من الحسّ الفكريّ و عن ضغط كوننا نؤمن حتّى نخاع القلب و نصدّق حتّى نخاع عواطفه و عن ضغط كوننا حلمنا حلما جماعيا يوما ما فلمّا أن رأينا شبه تأويله في أراضينا رحنا نصدّق أحلامنا إيمانًا منّا بأنّا رأينا رؤيا صدق أو أنّ يوسف الصّديق قد أفتانا فيها , فأرقنا الدّماء لأجل أن تنمو زهور الرّبيع فنقطف منها كلّ جميل ...فغدا لا يهمّ كيف و لا متى و لا من أين نبدأ و لا من يبدأ حتّى لو أرقنا الدّماء سبعًا و أكلنا زهور السّبع سبعًا ما دمنا نؤمن أنّ من بعدها سيأتي مستقبل فيه يُغاث النّاس و فيه بـكلّ خير ينعمون .
- ماذا أريد أن أقول بالضبط ؟ فلعلّني سبّبت لكم بعض الضغط :
- باختصار , ليس حتميا أن يكون الحقّ مع أحد الطّرفين المتنازعين ... ليس حتميا أن يكون الاختيار الحق موجودا في الخيارات المعروضة أمامنا ...ليس مقبولا أن أقف مع من يتّخذ غير الله وليّا و لا أن أركن لظالم كما و ليس حتميّا أن أقف مع كلّ من يعاديه فقط لكوننا توافقنا في رفضه ... ليس حتميّا ألّا ينحر الظّلمَ إلّا عدلٌ أو ألّا يزهق الباطلُ إلّا على يد الحقّ ( فقد يهلك الظالم بالظّالم و قد يُسلَّط بعضهم على بعض و حتّى قد يُخربون بيوتهم بأيديهم ) ... ليس حتميا أنّ الحياد خلق ليكون دوما سلبيّا ( بل إنّه ليحيد عن السلبيّة بالقدر الذي يحيد عمّا حاد عن الحقّ ) .
- إذن ؟
- لن يكون حتميا أن أقف مع أحد ...كفى بالحقّ كلّ أحد .
- ملاحظة :
- ( إلّا ما رحم ربّي ) أمرّ بها على كلّ لفظٍ و رأيٍ و حكمٍ و شخصٍ و شيءٍ استثناءً علمه عند ربّي .
- اللّهم أرنا الحقّ حقّا و ارزقنا اتّباعه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه .
- رجاءٌ أن تزهق الفتنة التي تريد الجثوم على صدر الحبّ الأكبر لتفتكّ منه الحبّ .
كنت و لا أزال أمر بمثل هاته الضغوط لكن كما قلت عزلة فكرية و انتهت المشكلة,,,,,
ردحذف- واش تقول لقيتيها ساهلة شوية ؟
حذف- شكرًا على المرور , لا للعزلة هنا , أوكي ؟